شاهدت إعلاناً فى جريدة الأهرام أمس الجمعة يعلن فيه مستشفى وادى النيل، وهو مستشفى مهم ويقدم خدمات جليلة للعسكريين والمدنيين، عن قدوم خبير نمساوى يعالج بالخلايا الجذعية، وفى الإعلان قائمة ببعض الأمراض التى سيعالجها هذا الخبير، منها الشلل وضمور العضلات والتوحد! وأعرف أن الموضوع حساس لأن المستشفى يتبع المخابرات، ولكن نحن عندما نناقش هذا الموضوع ليس غرضنا هو تشويه المؤسسة العسكرية ولكنه وبالأساس هو الدفاع عن سمعة تلك المؤسسة، كما فعلنا من قبل كجريدة وكشخص ممثلاً فى العبد الفقير إلى الله كاتب هذا المقال عندما كنت أول من كتب وتصدى لجهاز عبدالعاطى لعلاج فيروس سى، ونبهت وصرخت وكان دافعى هو الدفاع عن العلم وعن سمعة المؤسسة العسكرية، وكتبت بعدها شاكراً الخدمات الطبية عندما عقدت مؤتمراً أثبت فيه أطباء الجيش أن هذا الجهاز ليس له أى دور فى علاج أى فيروس، لذلك أرجو ألا يزايد أحد على وطنيتى عندما أطرح هذا الموضوع، فأنا أحب الحقيقة أكثر من أفلاطون كما يقول الفلاسفة، هناك بعض الأسئلة سأطرحها على من استقدم هذا الخبير النمساوى الذى زار المستشفى كثيراً من قبل، ليس معنى أنه نمساوى خواجة أنه مقدس وكلامه هابط من السماء، فنحن لا نتعامل مع أشخاص بل مع طب قائم على الدليل وعلم له قواعده، أولاً الـFDA وهى المنظمة المنوط بها الاعتراف بالأدوية والإجراءات الطبية العلاجية لم تعترف بالخلايا الجذعية حتى الآن كعلاج إلا فى حالات نقل وزرع النخاع، والخلايا الجذعية ما زالت فى المعمل كتجارب وهى ستمثل مستقبل الطب فعلاً، ولكن المهم احترام أنها ما زالت فى طور البحث ويجب ألا تخرج من المعمل إلى جسد المريض إلا بعد استيفاء كل خطوات البحث المطلوبة والإجابة عن كل الأسئلة المعلقة، مثل سؤال كيف نتحكم فى تكاثر الخلايا الجذعية حتى لا تتحول إلى تكاثر سرطانى بلا ضابط؟! الأهم أن هناك قراراً من وزير الصحة السابق بمنع العلاج بالخلايا الجذعية إلا فى الحالة التى ذكرتها، فهل هو حرام على الطبيب المصرى حلال على الخواجة النمساوى؟! وهل مستشفى وادى النيل استثناء؟! قانون العلم أعلى وأقوى من أى قانون، وكلما احترمنا قوانين العلم زدنا احتراماً لأنفسنا ولمؤسساتنا، لا بد من تكوين لجنة علمية للإجابة عن تلك الأسئلة ووضع النقاط على الحروف، هل الخلايا الجذعية تشفى الشلل الدماغى وضمور العضلات والتوحد؟! الإجابة لا بد أن تكون علمية صريحة وبالوثائق العلمية من مجلات علمية محكمة ومؤتمرات دولية وليست من على ألسنة الأستاذ فلان اللى اتعالج ومشى زى الحصان بعد الخلية الجذعية، والست فلانة اللى كانت خرساء وبعدين اتكلمت فور حقنها بالجذعية! العلم لا يعرف سلطة إلا سلطة البحث العلمى وفرمان المعمل وقوة البحث الأكاديمى وديكتاتورية المجلة المحكمة، طابور الغلابة المتعلقين بقشة ينتظرون علاج الشلل لا بد أن نمنحهم إجابة، وأقولها ثانية أنا أحب أفلاطون ولكنى أحب الحقيقة وأعشقها أكثر.